عز الدين أوناحي.. فتى الدار البيضاء الذي يقتفي أثر الجوهرة بنمبارك في دروب مارسيليا
"كنت مندهشا جدا من الرقم 8. آسف لا أتذكر اسمه.. يا إلهي من أين خرج هذا الفتى؟ يلعب بشكل جيد! لقد فاجأني". هكذا كانت كلمات الناخب الإسباني لويس إنريكي، دقائق قليلة بعد إقصاء منتخب"لاروخا" أمام نظيره الوطني المغربي، في إطار دور ثمن نهائي بطولة كأس العالم الأخيرة بقطر.
من تشبع بفكر "التيكي تاكا" لسنوات مع برشلونة الإسباني، لا يمكنه أن يغض الطرف عن تلك الأقدام التي تداعب الكرة بامتياز فوق أرضية ملعب "المدينة التعليمية" في قطر، كما أن شهادته في حق عز الدين أوناحي، بعد نهاية اللقاء، في مرتبة رسالة التحفيز التي ترافق السيرة الذاتية في أي طلب عمل، على سبيل المقارنة ليس إلا!
سيرة عز الدين أوناحيي، سرعان ما انهالت على مكاتب عدة أندية أوروبية، قبل أن تنال ختم وإمضاء الأسطورة الفرنسية جون بيير بابان، أحد أعظم هدافي العالم وصاحب الكرة الذهبية لعام 1991، الذي يشتغل حاليا مستشارا لدى بالو لونغوريا، رئيس نادي أولمبيك مارسيليا.
انتقال أوناحي إلى نادي الجنوب الفرنسي، امتداد تاريخي لعلاقة مارسيليا مع جواهر القارة الإفريقية، بداية بالحارس الكامروني جوزيف أنتوان بيل، مرورا بالغاني أبيدي بيلي، ثم "الفيل" الإيفواري ديديه دروغبا والقناص السنغالي مامادو نيانغ.
علاقة ارتبطت أيضا بالمغرب، ملهمها كان الجوهرة السوداء، العربي بنمبارك، الأخير الذي حمل ألوان أولمبيك مارسيليا لأزيد من 71 مباراة، سجل خلالها 32 هدفا، ليدخل سجل أفضل 50 لاعب في تاريخ النادي.
بعيدا عن سطور التاريخ التي كتب أوناحي أحد صفحاته المشرقة، مساهما في أفضل إنجاز لكرة القدم المغربية، ثم العربية والإفريقية، حين بلغ المنتخب الوطني، ليلة العاشر من دجنبر 2022، نصف نهائي كأس العالم، (بعيدا عنه) فإن رحلة البيضاء إلى مارسيليا كانت تحتاج للمثابرة والاجتهاد.
قبل أن يتحقق هذا الحلم وابن الدار البيضاء لم يطفئ بعد شمعته الـ 23، فإن دروب حي "لالة مريم" الشعبيي بمدينة الدار البيضاء، عرفت الطفل عز الدين كسائر أطفال "الدرب" الحالمين بنجومية كروية، في فترة كانت فيها كرة القدم الوطنية مازالت تعيش على أطلال إنجازات التسعينيات مع جيل كاماتشو وبصير..
لدى التحاقه بمدرسة الرجاء في سن العاشرة، شارك أوناحي في كأس "دانون للأمم"، قبل أن ترصده الأعين التقنية داخل أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، حيث تكون في رحابها بداية من سن الخامسة عشرة لغاية الثامنة عشرة.
لما اشتد عود الشاب، وقع أوناحي عقد "متدرب" مع نادي ستراسبورغ الفرنسي، حيث اكتفى بخوض حصص تدريبية مع الفريق الأول ومعاينة أجواء الاحتراف "عن بعد"، إذ تم استدعاؤه ضمن المجموعة دون المشاركة في اللعب؛ في مواجهة أمام أولمبيك ليون ب"الليغ1" وأمام أولمبيك مارسيليا في كأس فرنسا.
في بلدة صفيرة تدعى "أفرانش"، سيخطف أوناحي إليه الأنظار خلال الموسم 2020/2021. يقول عنه مدربه السابق في القسم "الوطني" إن أوناحي "لديه المقومات من أجل اللعب في دوري الدرجة الأولى الفرنسي، يملك من الإمكانيات ما يخول له ذلك".
صيف سنة 2021، التحق أوناحي بنادي أونجيه، ثم بدأ يلفت إليه الانتباه، أسبوعا تلو الآخر، حتى استدعاءه لأول مرة من أجل حمل قميص المنتخب الوطني، تحت إمرة الناخب الوطني، البوسني وحيد حاليلوزيتش، رفقة المجموعة التي شاركت في نهائيات كأس أمم إفريقيا بالكاميرون.
محط اهتمام عدة أندية كبيرة، على غرار برشلونة الإسباني ونابولي الإيطالي، اقتنع النجم الدولي المغربي بالمشروع الرياضي في مارسيليا، عساها تكون خطوة من أجل التطور أكثر، علما أنه يعد حاليا ضمن قائمة "أغلى" 50 لاعب في العالم، من مواليد سنة 2000، في قائمة تضم النرويجي إرلينغ هالاند، البرازيلي فينيسيوي جونيور، الانجليزي فيل فودين.. مستقبل الكرة!